الحسين طريق الاحرار/محمد خالد علي

السبت - 03/10/2020 - 12:49

في التأمل مع الذات تكتسب النفس أبعاداً معنوية تتخطى الزمن الحاضر إلى آفاق التاريخ ليشرق الماضي بأروع صفحاته وتنكشف العلاقة بين الماضي والحاضر لتؤكد استمرار القيم السامية التي ضحّى من أجلها الشهداء لينيروا بدمائهم طريق الأجيال. فتجديد ذكرى هؤلاء العظماء هو تجديد للمواقف العظيمة التي رسمت للأمة تاريخها الحافل بالتضحيات.
ومما لاشك فيه إن من أعظم المواقف التي حفظت للأمة كيانها وبثت فيها روح الإسلام من جديد بعد أن كاد يمحى هو موقف سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطف ورغم مضي أربعة عشر قرناً على ذكرى عاشوراء إلّا أنها متجدَّدة دائماً روحاً وفكراً وعطاءً.
قد يُثار تساؤل لدى البعض ممن تأثروا ببعض ما ينشر على الانترنيت وبعض القنوات الفضائية التي لا يُخفى على القارئ جهتها وغرضها المعادي لكل من ينتسب لأهل البيت (عليهم السلام) والتي تدّعي الإسلام وتبث سمومها بطريقة خلط السم بالعسل فتنتقص من الشعائر الحسينية في محاولة إثارة بعض النفوس ورسم صورة لها بأن هذه الشعائر هي عادات وتقاليد بالية تقف في وجه التطور! ولكي يستطيع الإنسان اللحاق بركب التطور فعليه ترك هذه الشعائر في إحياء ذكرى أكل الدهر عليها وشرب وإن أصحابها (أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) !!!
إن أولئك الذين تنكروا لحقائق التاريخ بهذه الدعوى ــــ وإن كان وراؤها هدف أكبر ـــ قد فشلوا في تحديد التطور وفق معاييرهم الخاصة ونسوا أو تناسوا بأن إهمال التاريخ الصحيح يعني إماتة الحقائق التي تحدد مسار الأمة والتي تكون طريقاً للحياة الكريمة ونسوا كذلك إن تمجيد الثورة ضد الظلم والطغيان هو تمجيد للإنسانية نفسها وإن التطور لم يقف عند حدود المادة بل تعداها إلى الفكر والعقيدة.
نقول لهؤلاء الذين تغلغلت النزعة الأموية في نفوسهم إن الأمويين استطاعوا سفك دم الحسين ولكنهم لم ولن يستطيعوا إسكات صوته ولن يستطيع أحفادهم إسكات الأصوات التي تهتف باسمه, فاسم الحسين أصبح رمزاً للثورة والجهاد ضد كل أنواع التعسّف والظلم والاضطهاد وعنواناً للتضحية والفداء كما أصبح اسمه مصدر قلق وخطر على كل دعاة الظلم من الطغاة والمستكبرين في كل زمان ومكان. وأصبح الهتاف باسم الحسين ينمو من عصر إلى عصر ويربو من جيل إلى جيل.