بعد أن تغذى ستة أشهر في بطن البتول خرج على يد مولى الثقلين ليحتضنه الحبيب المصطفى ويضمه إلى صدره .
والعجيب بأنّ كل مولود يرضع من ثدي أمه حولين كاملين, إلا الحسين جسده الطاهر لم يبن من حليب امرأة حتى والدته البضعة السيدة الزهراء ؟
مسألة شغلت ذهني رغم وجود عدة مسائل استثنائية غيرها في تكوين الإمام الحسين وحياته , فمضيت اقلب صفحات المصادر التاريخية , فمن غير الممكن أن يكون الإنسان وبالذات المولود من دون طعام !
وحينها عثرت على الإجابة ( منذ بزوغ نوره كان يرضع من أبهام النبي ) , فعلمت معنى قول الرسول : حسين مني وأنا من حسين .
ولا نستغرب هذا حيث نشأ وترعرع بين أحضان بيت ينزل فيه جبرائيل وصاحبه صاحب رسالة سماوية هزت الأرض من اقصاها إلى اقصاها.
وأيم الله مثل هكذا أنسان لا يقبل الباطل ولا يسكت عن الانحراف, انحراف معاوية ويزيد ,انحرافهم عن الخط الاسلامي الإنساني إذ أسكرتهم خمرة الاستبداد ,فعادوا لا يرون للآمة قيمة .
لهذا وصل صراخ بعض الشعوب العربية وبالذات الكوفة إلى عنان السماء ومحط أنظار الإمام لا سيما خطت اناملهم الالاف الرسائل تناشد ابن رسول الله للوقوف بوجه الطغيان .
لذك تحاشى الحسين الاضطراب الفوضوي ,فاستنفر همتهم واستثار عزائمهم فأرسل سفيره مسلم بن عقيل ,
إلا أن علامة أكذوبة صراخهم ومناشدتهم كادت تلوح بالأفاق ,إذ تبين ما أضمروا فامتدت الايدي الآثمة لتقتل سفيره ويكون أول شهيد في نهضة وثورة أبا عبد الله.
ومذ تلك اللحظة ازفت الساعة الرهيبة ودقت اجراس الفناء تنذر العالم اجمع بحرب دموية جماعية طاحنة لا تبقي ولا تذر وعزف بوق النفير العام , فأجهر الإمام بإعلان الجهاد رغم قلة الناصر والعدد.
أذن كان لانحراف يزيد مؤيدون من الذين أرسلوا رسائل المناشدات .وبات الهدف واضحا هو القضاء على المبدأ الإسلامي الذي يستهدف الإنسان في دولته الإنسانية ليحل محله تحول العنصر البشري من حر إلى عبد منقاد يحركه الجهل كيف ما يشاء .