سيادة البلد لا تقتصر فقط على ضبط الحدود مع دول الجوار او رصد الخروقات الجوية او التدخل الاجنبي (سواء كان اقليمي او دولي) بالتصريحات السياسية والتقدم بالآراء الاصلاحية في كافة المجالات القطاعية.
سيادة البلد تولَد عندما يرى اصحاب السلطة متطلبات البلد والعيش الكريم لشعبه هدفاً مبتغى الوصل اليه، حتى يلمس المواطن انه في دولة ذات كلمة لها وقعها في تقديم خدمة للشعب او في تنفيذ آوامر حكومية صادرة من مؤسساتها هدفها فرض وجود الدولة وهيبتها على ارضها، لكي يفهم ابن البلد و الاجنبي ان هنالك دولة سيادية لها كلمة في تطبيق قراراتها.
سيادة البلد تُحتَرم لا بل تفرض عندما تُحتِرم مؤسسات البلد الحكومية ذلك البلد وتنصاع لما يبسط هيبة البلد واحترامه بين شعبه و خارج حدودهُ، اذ نرى من هم ابناء الدولة يعيثون فساد واضعاف للمؤسسات التي يعملون بها من هدر للمال العام وسوء الادارة بالعمد او التغاضي عن الاهمال الوظيفي كل ذلك يسبب الوهن للدولة واضعافها وليس تقويتها. حجر الاساس للسيادة وقوة الدولة هو الايمان بوجود الدولة لا اللادولة ولوي الاذرع لحكوماتها بحكم ان ساحتي واسعة بجماهيرها وقراري مالسياسي هو الاوحد . احد اهم الاسباب لسلب هيبة الدولة واضعافها هو تعدد القرار السياسي والتصارع بين المُشَرع والمُنفذ ناهيك عن تأثر القرار القضائي بالتسلط السياسي والتخوف الذي زرعه الاول فيه حتى لا يتجرء من محاسبتهِ. اذ نلاحظ القرار الذي فيه مصلحة للبلد وشعبه وخالي من مصلحة جهة سياسية او طائفة معينة سوف لا يأخذ مساره للتطبيق او التشريع بسبب تصادمه مع حجر العثره في التنفيذ او التشريع لانه فاقد لنكهة المحاصصة ، لذلك نلاحظ تعثر القرارات التي تخدم البلد وتعزيز هيبته وتحقيق التنمية المستدامة في كافة المجالات. هنالك من يستشعر بذاته القيادة وقوة القرار وتعمد التجاهل للتسلسل الوظيفي واحترام الاعلى فالاعلى في الهرم الاداري فأن ذلك يوصف كالقنابل التي تنفلق لتهدم كل ما يبنى في طريق فرض القانون وسيادة الدولة لتحقيق دولة قوية، لا تبنئ الدولة بهذا النهج مهما كانت المساعي في ذلك. عندما تضعف الدولة بمؤسساتها وفقد سيطرتها على الشارع من سلاح منفلت وجريمة منظمة ومخدرات تصدر وتستورد عبر البلد (وغيرها الكثير) ، يصبح البلد هنا هدفاً سهل منال من الاطماع الخارجية وبمساعدة رجالات الخدمة الضامنة المنضوين تحت عباءة الدولة . جميعاً سمع ورآء بعين الخجل القصف التركي المستمر ولسنوات متعاقبة تلاها نزول قوات عسكرية تركية راجلة تدنس ارض شمال البلد .
ناهيك عن القصف الامريكي المستنكر على مقرات الحشد الشعبي لمرات عدة وآخرها جرمها البشع في مطار بغداد ، اذ يقابل ذلك يكون رد الاعتبار الايراني على ارضنا بقصفها القواعد العسكرية الأمريكية التي اصبحت هي الاخرى تسرح وتمرح بمناوراتها العسكرية من طيران أستفزازي متكرر في سماء بغداد يقابله غض الطرف من الحكومة العراقية.
كل ذلك الاعتداء بالمجمل… اسفر من الضعف المتولد نتيجة تشتت الرأي السياسي والانشغال بالدولة العميقة ودولة الظل، والتأسيس لإمبراطوريات سياسية رؤوسها خارج العراق واذنابها ديكة السلطة .
تأتي السيادة وهيبة الدولة بفرض القانون واخضاع الجميع له ولو كان تحت اي مسمى
لكي يشعر الجميع بالعدالة ، ولكن الامر هذا يراد له رجالاته التي لا تساوم او تخشى لومه لآئم.
وختامها بيت شعري
للشاعر الراحل رحيم المالكي
شط المايغرّگ ينعبر كل يوم
ما ينهاب جرفه ولا كثر مايه