والآن لندخل في تاريخنا الحديث وما يجري فيه حيث نلاحظ ان هناك فوضى كارثية يمر بها العالم ووجود قوى عالمية كبرى وفي مقدمتها امريكا التي تعتبر الآن هي القطب الأوحد في العالم وبعدها باقي الدول العظمى والتي تم تصنيفها حسب انتاجها للقنبلة النووية وكذلك الاقتصادية وسميت بالدول العظمى أو الكبرى. وهي دول اصبحت من التقدم العلمي والثقافي والحضاري والتقني ما لاينكره أحد ويقر به القاصي والداني. ولكن لنقف عند نبوءة لأحد الدعاة المسيحين الذين يبشرون بالدين المسيحي وهو الدكتور ديفيد ويلكرسون حيث في عام 1986 اعطى الدكتور ديفيد ويلكرسون(1) الدكتور مايك ايفانز(2) نبوءة مذهلة:
" ارى طاعون قادم على العالم والحانات والكنيسة والحكومة ستغلق. الطاعون سيضرب مدينة نيويورك ويهزها وكانها لم يهتز من قبل. الطاعون سوف يجبر المؤمنين الذين لا يصلون على الصلاة المتطرفين والى الانجيل والتوبة ستكون البكاء من رجل الله في المنبر. وسوف تأتي صحوة عظيمة ثالثة ستكنس امريكا والعالم."
وهي نبوءة تثير الاهتمام من قبل شخص مسيحي يؤمن بالمسيح وله اراء مهمة من ناحية الدين المسيحي والتي يبدو من الواضح ان امريكا قد دخلت بداية النفق الظلم هي ومعها دول الغرب نتيجة امور وحوادث سوف نعرج عليها ونذكرها.
وفي البداية فلنرجع الى الوراء في التاريخ نلاحظ " أن اليهود كفروا بعيسى وبمحمد عليهما السلام، بل كانوا يتباهون بأنهم هم قتلة المسيح عليه السلام، ولذلك كانت النصارى تكرههم وتضطهدهم لتجديفهم على المسيح وأمه وبغضهم للنصارى كما في تلمودهم السري، ولسبب آخر مهم وهو أنه قد تبين للأوربيين أن الكثير من المشاكل والمصائب والكوارث وانتشار الفساد والرذيلة في بلادهم، كان سببه اليهود، ولذلك سنوا الكثير من القوانين التي تقيد حركتهم اليهود وتعاملاتهم، وتم عزلهم في أحياء سكنية خاصة بهم، بل بلغ الأمر إلى طردهم ونفيهم من معظم بلدان أوروبا الغربية كفرنسا وسكسونيا وهنغاريا، وبلجيكا والنمسا وهولندا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا وألمانيا، وكان رجالات الكنيسة آنذاك يؤيدون اضطهاد اليهود لاستحلالهم الزنا والربا الذي تحرمه النصرانية ولعدائهم للمسيحيين في تلمودهم السري، وبلغ الأمر إلى أن أقيمت لهم مذابح جماعية في بعض البلدان الأوربية، فاضطر اليهود للهجرة، إلى روسيا وأوروبا الشرقية والإمبراطورية العثمانية. ولكن يبدو أن هناك أمراً قد حدث بدل العلاقة بين المسيحيين واليهود والسؤال هو ما الذي حصل لكي تقلب هذه العلاقة رأساً على عقب؟ وماهو السر في جعل العلاقة مع أمريكا وباقي دول الغرب بهذه والتغاضي عن كل الجرائم التي تقوم بها الصهيونية واسرائيل لتصبح اسرائيل الأبنة المدللة لأمريكا وباقي دول الغرب؟ والإجابة هي أن اليهود استطاعوا في نهاية القرن التاسع عشر إقناع النصارى بأن عودة المسيح عليه السلام متوقفة على إقامة هيكل داوود عليه السلام مرة أخرى، وأن النصوص التوراتية (يعني كتب العهد القديم) تؤكد ذلك، وعليه فلا بد من قيام دولة صهيون وبناء الهيكل كمطلب إلهي وكشرط مسبق لعودة المسيح.
وعلى هذا الأساس تكون ما يسمى بالصهيونية المسيحية الإنجيلية القائمة على الإيمان بعودة المسيح، وأن عودته مشروطة بقيام دولة إسرائيل، وتجمّع اليهود في فلسطين، وبناء هيكل داود.
هذه العقيدة إضافة إلى عوامل أخرى ساعدت على قيام إسرائيل، وتهجير اليهود إليها ومن ثم دعمها والوقوف معها في السراء والضراء، بل واستثناءها من الانصياع للقوانين والمواثيق الدولية لأنها الوسيلة التي ستعجل عودة المسيح ولذلك يرون بأن شريعة الله وحدها (العهد القديم) هي التي يجب أن تطبق على اليهود في فلسطين.
قد يقول قائل ولكن ربما تكون هذه عقيدة مجموعة صغيرة من النصارى وربما تنتشر فقط بين المتعصبين منهم. ونقول ولكن الدراسات تبين غير ذلك تماما فهناك الكثير من الحركات الدينية المسيحية الإنجيلية الأصولية، في بريطانيا والولايات المتحدة (حوالي 250 منظمة) أهمها وأخطرها (الحركة التدبيرية)، التي نشأت في الولايات المتحدة، بعد قيام دولة إسرائيل. وتضمّ في عضويتها أكثر من أربعين مليون أمريكي (في أواسط الثمانينيات)، ومن بين أعضائها الرئيس الأمريكي السابق (رونالد ريغان) "(3).
ومن هنا نشأت حركات مسيحية تبشر بظهور المسيح عن اقامة هيكل داود والموجود تحت المسجد الأقصى. وهذه الحركة(التدبيرية) قد سيطرت على اغلب وسائل الأعلام ومراكز القرار في أمريكا ويشارك قادتها (أحيانا) كبار المسؤولين في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي الأمريكي، ووزارة الخارجية في صناعة القرارات السياسية والعسكرية، المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي. هذه الحركة الرهيبة تعتقد بأنّ الله قد وضع في الكتاب المقدس، نبوءات واضحة، حول كيفية تدبيره لشؤون الكون ونهايته، ومن هذه التدابير كما ذكرنا: قيام إسرائيل وعودة اليهود إليها، هجوم أعداء الله (ويقصدون الشيوعيون الروس والمسلمين) على إسرائيل ووقوع محرقة (هرمجدون)(4) التي يعتقدون أنها ستكون نووية وقد تكون الملحمة الكبرى التي وردت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا بدوره سيؤدي إلى مقتل الملايين وانتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين، وحينئذ فقط سيظهر المسيح لتخليص لأتباعه (أي المؤمنين به) من هذه المحرقة، وأن من بقي من اليهود بعد المعركة سيؤمنون بالمسيح، وعندها سينتشر السلام في مملكة المسيح في أرض جديدة وتحت سماء جديدة مدة ألف عام، هذه باختصار هي عقيدة هذه الحركة الصهيو-مسيحية إن صح التعبير. و يذكر أنه في عام 1984م أجرت مؤسسة يانكلوفينش استفتاء أظهر أن 39% من الشعب الأمريكي أي حوالي 85 مليون يعتقدون أن حديث الإنجيل عن تدمير الأرض بالنار ـ قبل قيام الساعة( بحرب نووية فاصلة). أما مهمة أعضاء هذه الحركة وأتباعها فهي تدبير وتهيئة كل الأمور التي ستعجّل في عودة المسيح إلى الأرض، وعلى رأس هذه الأمور: إضعاف العرب وعلى رأسهم العراق عسكريا، وتلبية جميع مطالب إسرائيل بالدعم المالي والسياسي والعسكري، وتعزيز ترسانتها النووية.
وحتى ( ريغان )تحدث في انتخابات الرئاسة عن هرمجدون، ومن أقواله : " إن نهاية العالم قد تكون في متناول أيدينا … إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيشهد هرمجدون ". وقد كان ريغان يظن أن التزامه القيام بواجباته (ومنها إضعاف العرب وخصوصا جيران إسرائيل)، تمشيا مع ارادة الله.
ولنا في جزئنا القادم ان شاء الله انه سنبين كيف ستكون تلك القوى الكبرى والعظمى هي عبارة عن قرى ليفعل بها الله كما فعل في الأمم الغابرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.