فاطمة الزهراء(عليها السلام)بضعة الرسول / 5 بقلم : عبود مزهر الكرخي

السبت - 18/01/2020 - 11:30


فاطمة أم أبيها
وهذه الكنية لفاطمة الزهراء(عليها السلام)هي كنية عظمة وهي كنية مخصوصة لآية الله العظمى، وتمثل احدى المدلولات السامية للعصمة الكبرى لفاطمة الزهراء((أم أبيها)).
ففي مقاتل الطالبين عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: « إن فاطمة تكنى بأم أبيها » (1).
وفي كشف الغمة « إن النبي كان يحبها ويكنيها بأم أبيها »(2). وهذان اللفظان أنما هو يدلل على أمرين : الأول حب النبي(ص) لفاطمة(ع)، والأخر أطلاق هذه التسمية هو من حبها له. وان هذه الكنية هو يعبر عن صاحب ذوق رفيع وطبع لطيف ولو امعنا في أطلاق هذه العبارة فهو يدلل على مدى سمو مكانة الزهراء روحي لها الفداء وهي المخدرة الكبرى ويدل على شدة الحب والود.
وقد تشعبت الآراء بين العلماء في معنى هذه الكنية العظيمة وشعبت تشعبات كثيرة بين الفضلاء من أهل العلم وسوف نعرج على هذه الآراء لنأخذ منها الزبدة من هذه الأقوال.
1ـ أنّ الزهراء(س) كانت تداري وتراعي رسول الله(ص) كما تراعي الأم ولدها، وكان رسول الله(ص) يحترمها كما يحترم أمّه فكان صلوات الله عليه يجد منها العطف والرقة والشفقة والأنس فكانت بمثابة أمه من هذه الناحية(3).
وهذا الرأي ولو فيه بعض المقبولية لكنه لا يمثل الرأي المهم والسائد لدى العلماء وقد رده سماحة الشيخ القاضي محمد كنعان(4) واعتبره رأي ضعيف ولا يقبله العقل والمنطق فصحيح أن الزهراء لها دور مهم في رعاية والعناية بالنبي(ص)والأمام علي(ع) إلا ان القول بأن هذا هو دورها وأهم دور لها فهو غير صحيح فحيث اذا كان المقصود قضاء الحوائج الدنيوية والمادية فهذا هو تقصير وغبن بحق الزهراء وليعتبر بالتالي دور تستطيع أي من النساء ان تقوم به ولكن المقصود بالاعتناء هو تلائم روحية الزهراء وروح النبي(ص) بحيث تكون خير معين له في معرفة معاناته وتفهمها في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى فهذا يمكن عده دورا مهما ولكن الجزم بكونه اهم الادوار يحتاج الى مثبت وهو مفقود.
2ـ أنّ النكتة من هذه التكنية هو محض إظهار المحبة، فإنّ الإنسان إذا أحبّ ولده أو غيره وأراد أن يظهر في حقه المحبة قال (يا أماه) في خطاب المؤنث (ويا أباه) في خطاب المذكر. تنزيلاً لهما بمنزلة الأم والأب في المحبة والحرمة(5).
يتبن ان الأم هي الأصل أي بمعنى القصد ورأى الباحثون أن الأم تعني أيضاً الثمرة، لأنها القصد والمقصود من الشجرة. " فأم الطريق هو(الطريق الأعظم)وأم الدماغ في مجمع البيان فيقولون: أم الرأس: للجلدة التي تجمع الدماغ. وأم القرى: لأن الأرض دحيت من تحت مكة، فصارت لجميعها أما، وقيل: لأنها أشرف البلدان فهي متقدمة على سائرها. وسميت الفاتحة بأم الكتاب لأنها أصل القرآن. والأم: هي الأصل، وإنما صارت أصل القرآن، لأن الله تعالى أودعها مجموع ما في السور، سميت بذلك لأنها متقدمة على سائر سور القرآن، والعرب تسمي كل جامع أمر أو متقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه "(6).
ومن هنا فان هذه الكنية هي اعطاها نبينا الأكرم محمد(ص) لأبنته لتبيان مكانة وقدر الزهراء وأنها متقدمة على جميع نساء العالمين وعلى أزواج النبي وهو لا ينطق عن الهوى أن هو إلا وحيٌ يوحى وباعتقادي المتواضع انها كنية نازلة من الله جل وعلا لتبيان علو ورفعة فاطمة الزهراء(ع).
3ـ إظهار أفضلية الزهراء(س) على نساء النبي، فإذا كانت النساء أمهات المؤمنين فهي أم أبيها(7).
وهذا الرأي هو مرتبط بالرأي الثاني وهذين متصلان ببعضهما وقد شرحنا ذلك وبينا مقبولية هذين الرأيين
4ـ أنّ أمّ كل شيء أصله فعليه يمكن أن يقال أنّ فاطمة(ع) هي أصل شجرة النبوة(8).
وهذا الرأي هو من أهم الآراء ويعتبر من أكثر الوجوه مقبولية مضاف اليه الثاني والثالث وحيث أن فاطمة(ع)هي ثمرة شجرة النبوة وحاصل عمر النبي(ص) وهي النسلة الطاهرة للرسول الأعظم محمد(ص) وهي صدف در العصمة ولآلئها، وهي التي استقرت بها السموات العلوية والأرضون السفلى. فبالتالي فأن فاطمة هي أصل شجرة النبوة ومعدنها الأصيل والأئمة من ذريتها(صلوات الله عليهم أجمعين) " والأغصان تتفرع عن الأصل، وهي عليها السلام ذلك الأصل لتلك الشجرة. هذا على وجه وثمة وجه آخر تدل عليه بعض الروايات منها ما روي عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال : { شجرة أصلها رسول الله صلى الله عليه وآله وفرعها أمير المؤمنين علي عليه السلام, وأغصانها فاطمة بنت محمد وثمرتها الحسن والحسين عليهما السلام }...(9) والجمع بين الوجهين هو بأن يقال: إن لشجرة النبوة أصلان باعتبارين: الأصل الأول هو النبي صلى الله عليه وآله باعتبار أنه المبدأ لنشوء تلك الشجرة، أي أنه جذر تلك الشجرة، فإن الجذر يطلق عليه أصل. والأصل الثاني هو فاطمة عليها السلام باعتبار كونها منطلقا لتفرع الشجرة من جهة كونها أما للأئمة، والأم يطلق عليها كذلك أصل. وشجرة النبوة هذه هي شجرة للإمامة كذلك "(10).
ولهذا جاء قول الله عز وجل: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ }(11). لتعطي الحجية على ان هذ الشجرة الطيبة هي اصلها الرسول الأعظم ومنها غصنها العظيم هو فاطمة الزهراء(ع)ولتكمل على رفعة هذه الشجرة واصلها الطيب والممدود من السماء الى الارض.
ومن هنا نستنج ان هذه الكنية للزهراء روحي له الفداء هي كنية عظيمة وهي كنية سماوية والتي يحاول من المخالفين التقليل من هذه الكنية واعتبارها كنية عادية ولكنها كنية تعظم قدر الزهراء وتجللها والتي لم يحمل هذه الكنية اي من نساء العالمين من الأولين والأخرين لتضاف هذه الكنية علة ورفعة سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(عليها السلام) الى جانب ما تحمله من القاب وكنى وأسماء عالية القدر والمقام