يخطّط القائمون على صفقة القرن، بعد فشلها في فلسطين ولبنان والاردن وسوريا، الى استنهاضها من جديد في العراق، عبر تأجيج الفتن الطائفية، بتأهيل خطاب الكراهية المذهبية الذي أحرق العراق في سنوات الفتنة، ليقوده هذه المرة زعماء مخضرمون وجدد، وبرموز جديدة، عتيقة، في داخل العراق، وآخرون من خارج الحدود.
مشروع الأول: التهجير
يتجاوز الأمر، التوقعات، والنبوءات السياسية الى كونه مخاوف حقيقية، تتفاقم وتتعاظم كلما ازدادت الخشية على المصالح الامريكية والإسرائيلية التي كانت تعوّل على صفقة القرن في تحقيق محيط جغرافي آمن لإسرائيل، بإقامة أنظمة صديقة للدولة العبرية، في سوريا ولبنان، بعد إفراغها من مكوناتها المعادية للكيان الصهيوني، وأولهم الشيعة بتهجيرهم من جنوب لبنان ومناطق في سوريا الى العراق، وهو ما اعترف به بعض السياسيين اللبنانيين، بعد حرب تموز ٢٠٠٦ حيث المخطط يشمل أيضا تثبيت وجود داعش، وجعله رقما في المعادلة، ثم التأسيس لإمارة للفلسطينيين بين الأردن والانبار.
لقد فشل هذا المشروع الذي حُشّدت له القوى المتطرفة، وأموال الخليج، والأدوات الإسرائيلية، في اول حلقاته بإخفاقات حرب تموز على لبنان التي كانت تهدف الى تصفية حزب الله، واستحالة انجاح مشروع تهجير شيعة لبنان الى العراق.
كما فشلت صفقة القرن بنهاية داعش في العراق وسوريا، على أيدي المقاومين في العراق وسوريا، ليبدأ الفصل الجديد من صفقة القرن، في محيط جغرافي جديد، وهو العراق.
المشروع الثاني: الفيدراليات
تبدأ الخطوة الأولى في مشروع صفقة القرن في العراق بتجديد وتأهيل الحراك السني الانفصالي في مناطق الأكثرية السنية مثل الموصل والانبار وصلاح الدين، للتأسيس لفيدراليات "طائفية"، ومنحها -على غرار فدرالية إقليم كردستان- امتيازات أمنية وعسكرية واسعة، تعطيها مواصفات الدولة الكاملة.
يتضمن هذا المشروع فيما يتضمنه، استحواذ هذه الفيدراليات على المجال الحيوي مع الحدود السورية، والاردنية، وغلق الحدود على بقية مناطق العراق الشيعية ومنها بغداد.
تستمد هذه الفيدراليات قوتها وحيوتها من العلاقة الخاصة مع السعودية والخليج الذي يمدها بالمال والسلاح، ويؤهلها للمجتمع الدولي.
المشروع الثالث: حكم الأقلية
المشروع الثاني، منوط بفشل مشروع الفيدراليات، ليبدأ بتغيير نظام الحكم في العراق والعودة الى مربع ما قبل ٢٠٠٣ حيث الأقلية السنية هي الحاكمة، مع حقوق بسيطة رضائية للأكثرية الشيعية.
لكن مثل هذا المشروع سوف لن يكون سهلا، او سلميا، ذلك ان الشيعة يمتلكون اليوم، السلاح، والنفط، والثروة البشرية حيث يمثلون الأكثرية، وسوف لن يسكتوا، لتبدأ حقبة من حروب أهلية تُدخل العراق في نفق العنف لعشرات السنين، وهو أمر لا تخسر فيه إسرائيل وقوى صفقة القرن، شيئا، قدرة الخسارة الفادحة التي سيمنى بها العراق، بشراً وحجراً.