قد تستغربون من عنوان هذا النص، فهو عنوان لمسرحية للكاتب الايرلندي صمويل بيكيت، وهذه المسرحية تعتبر من روائع الادب الانساني، وقد اثارت جدلا في اوساط الكتاب والنقاد ليس بسبب عنوانها فحسب، إنما لانهم اختلفوا في تحليل من يقصده الكاتب بـ "جودو"، فالمسرحية تتحدث عن اثنين يقفان في طريق جرداء تحت شجرة خاوية، ينتظران شخص اسمه "جودو"، كي ينقذهما من الاحباط واليأس والفقر، ويغير من حالهما ويبقيان بإنتظار "جودو"!
اختلف النقاد من يكون " جودو" هذا! هل هو رمز لشخص منقذ تعوّد ان يساعد الاخرين وينقذهم مما هم فيه؟ ام هو رمز لحالة الامل التي يعيشها الانسان وهو ينتظر تغيير واقعه نحو الافضل؟ .
وهنا اتساءل عن واقعنا السياسي في العراق الذي ينعكس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وترتبط به ارتباطاً وثيقاً اغلب مفاصل حياتنا، الى متى نبقى ننتظر" جودو"؟
فموعد انتخابات مجالس المحافظات قريبة، وكل فترة نيابية تذهب وتأتي اخرى، ونحن ننتظر "جودو" إذ لم نشهد أي تغير؛ لا في مجالس النواب بهيئته التشريعية، التي يفترض انها تفتح ملفات وتتابع وتشرع قوانين تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
ولم نشهد طيلة السنوات المنصرمة سوى تنصل من المسؤوليات، وادعاءات بعدم التمكين من النواب وكتلهم السياسية، ونسمع تصريحات و كلمات في الاعلام وادعاءات، لكن لم نشهد فتح ملفات وزير، او مسؤول ومحاسبته، وتتبع قضايا فساده فقط، قد تكون اشبه بتهديدات لهذا المسؤول او ذاك، ثم سرعان ما تتلاشى كسابقاتها وتختفي ولم نعد نسمع عنها شيئا ..
والامر ذاته في مجالس المحافظات! فتأتي انتخابات بأعضاء مجالس محافظات جدد ام سابقين، لكن ماهي انجازاتهم على ارض الواقع، لم نشهد بناء مستشفى للعلاج، يذهب مرضانا الى دول الجوار والهند للعلاج، ونحن نمتلك افضل كوادر طبية، ومن اذكى العقول العلمية في العالم، ولم نرَ بناء مراكز علمية للبحث والتطوير العلمي، او مصانع تحوي الايدي العاملة من شبابنا العاطلين عن العمل، او نهضة تنموية.
ما يحدث في الحقيقة ليس سوى خطط ومشاريع وهمية، واموال طائلة مبددة تحت عباءة الفساد الاداري والمالي والمحاصصة المقيتة، التي سقمنا منها ولا نجد لها نهاية .. وتنقضي اربع سنوات وتأتي غيرها بانتخابات جديدة؛ وسواء أشاركنا في الانتخابات ام لم نشارك، تبقى الكتل نفسها، وشخوصهم ذاتها.
ونبقى ننتظر الاصلاح الحكومي والسياسي، ولكن دون جدوى؛ يبدو اننا سنبقى ننتظر "جودو" الى ما لانهاية ..