الإمام الحسين عليه السلام، كان قائد لاعظم ثورة في تاريخ البشرية، والحفيد التاسع سيكمل ما فعله جده في بداية الامر ليقود الثورة العالمية، ويؤسس الدولة الموعودة، ثم ان أهداف الإمام الحسين عليه السلام، هو إصلاح المجتمع الإسلامي حيث يقول عليه السلام (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين) وهذا بخلاف ما يهدف إليه الإمام المهدي عليه السلام من إصلاح العالم بأسره وملء الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
استمرار رسالة محمد صلوات ربي وسلامه عليه واله، وبقائها خالدة وكان الفضل به لدم الحسين عليه السلام، لان بقاء اسم الخاتم صلوات ربي وسلامه عليه واله مرفوعاً في المآذن إنما كان ذلك بسبب دم الإمام الحسين عليه السلام
قال الباري في محكم كتابه المجيد "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل أنه كان منصوراً، سئل الأمام الصادق عليه السلام، عن قوله تعالى قال : ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفاً ثم قال عليه السلام يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه السلام لرضاهم بفعال آبائهم،
في رواية اخرى قال الإمام الحسين عليه السلام لابنه الإمام زين العابدين علي السلام " يا ولدي يا علي والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفا "
(مناقب ابن شهرآشوب ج3 ص 238).
اهل الكوفة شيعة ال ابي سفيان، وجلاوزة الحزب الأموي مافعلوه برسول الحسين مسلم بن عقيل ابن عم الامام الحسين عليهم السلام من غدر وتعذيب ورميه من قصر الامارة، وسحله في ازقه الكوفة كذلك سيفعل برسول الأمام المهدي، إذ سيستخدم الأمام الغائب أسلوب المحاورة السلمية مع الجهة المقابلة من خلال إرسال رسوله الى اهل مكة كما فعل الامام الحسين عليه السلام
ورد عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل.... يقول القائم (عج) لاصحابه يا قوم أن اهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لاحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له: امضي الى اهل مكه فقل يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم إنا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين وإنا قد ظلمنا واضطهدنا، وقهرنا، وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا الى يومنا هذا فنحن نستنصركم فانصرونا، فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا عليه فذبحوه بين الركن والمقام، فإذا بلغ ذلك الأمام قال لاصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا فلا يدعونه حتى يخرج.
الأمام المهدي عليه السلام يريد بهذا الأسلوب أن يعيد للأذهان موقف الرفض المستمر للحوار السلمي فالأمام يتبع نهج إبائه السابقين لان يعرف ان القوم أبناء القوم
الأمام المهدي(عج) سيكمل ما بدأه الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وسيعمل على قيادة الثورة التي مهد لها الامام الحسين عليه السلام سنة (61 هج) وإن نفس ما قام به الإمام الحسين عليه السلام في وقته سيقوم به الإمام المهدي عليه السلام، ولكن في مجال أوسع وأرحب، يُكمل ما بدء به الإمام الحسين عليه السلام في طرحه لمشروع الإصلاح العالمي، فلذا تجد المُشترك بين الإمامين الحسين عليه السلام وحفيده المهدي عليه السلام واحداً هو ضرورة تطبيق منهاج الله تعالى في أرضه، وبسطه على عباده، فالروايات نصت على أنّ الإمام المهدي عليه السلام (يملأ الأرض قسطاً وعدلاً مثلما مُلِئت ظُلماً وجوراً).
رواية أخرى عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل، قال الحسين: فقلت له يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن؟ فقال عليه السلام، إي والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية، ولكن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عز وجل ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه.
(كمال الدّين 304 حديث 16)
قال دعبل بن علي الخزاعي "أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى عليهما السلام قصيدتي التي أولها
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
فلما انتهيت إلى قولي
خروج إمام لا محالة خارج
يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حق وباطل
ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا، ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الامام ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا كما ملئت جورا، فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.
كمال الدين للشيخ الصدوق ص 372-373
حديث 6
الإمام المهدي عليه السلام سيرفع شعار (يا لثارات الحسين) كما ورد في أمالي الصدوق عليه الرحمة يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيء، فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنه ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيه، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصرته فوجدوه قد قُتل، فهم عند قبره شُعث غُبر إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم ( يا لثارات الحسين)
سيكون خروج الإمام المهدي عليه السلام يوم عاشوراء، عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه السلام، يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشورا يوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام.
(كمال الدين ص 654 حديث 19) وفي بعض الروايات أن الإمام المهدي عليه السلام إذا خرج كان له خمسة نداءات عند البيت الحرام، ثلاثة منهن مرتبطة بالإمام الحسين عليه السلام
ألا يا أهل العالم أنا الإمام القائم
ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين قتلوه عطشانا
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين طرحوه عريانا
ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين سحقوه عدوانا.
أوجه الشبه بينهما ان كلاهما إمامين معصومين بالعصمة التكوينية، فالإمام الحسين هو الإمام الثالث، والمهدي هو الإمام الثاني عشر، وهما مفترضا الطاعة على البشرية، كلاهما ثائران ضد الظلم، فالحسين عليه السلام ثار ضد الظلم الأموي الفاسق، والوضع الاجتماعي العام
اما الإمام المهدي عليه السلام، هو الثائر ضد الظلم والجور الذي سيملئ الأرض فيحررها من جميع الانحرافات والخرافات، وقد ورد ذكر الاثنين في الكثير من الآيات القرآنية، وللإنسان التمعن في ذلك بعد النظر بدقة، وخصوصاً الايات التي ذكرت الإمام المهدي عليه السلام.
ورد ذكر الاثنين سلام الله عليهم في أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وآله، وبشكل كثير وواسع ان الإمام الحسين عليه السلام لم يستخدم المعجزة، وكان في الامكان قلب عاليها سافلها لوجود الولاية التكوينية، وإما الإمام المهدي عليه السلام، ايضاً لم يستخدم المعجزة الا في حالة الضرورة القصوى، حيث سوف يستخدم الأساليب الطبيعية في نهضته المباركة، وللمراة ايضا الدور الكبير في كلا القضيتين مع وضوح الحركة الزينبية بالنسبة للإمام الحسين عليه السلام، وايضاً ما ورد في الروايات بالنسبة الى الإمام المهدي عليه السلام سيخرج معه 50 امرأة، وهن من ارحام الاصحاب 313 رجلاً .
من هنا يمكن القول أن الأمام المهدي عليه السلام، سيقود ثورة عالمية وهذه الثورة لن تأتي من فراغ، وإنما كان جده الإمام الحسين عليه السلام قد مهد لها ضد السلطة الأموية.