أثارت التسريبات الصوتية المسربة للسيد نوري المالكي غضب وسخط الشارع الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر، وعده الأخير فتح باب المواجهة معه،حيث تعد هذه التسريبات احد أعراض الانقسامات العميقة في داخل القوى السياسية والمجتمع عموماً.
الخلافات العميقة بين زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وإيران زادت حدتها في الآونة الأخيرة لدرجة أمسى معارضاً قوياً لتوجهات إيران في العراق،واعتبرها خصمه في طريقة تعاطيها مع الملف السياسي.
انسحاب الصدر من البرلمان كانت خطوة ذكية،غذ وضعته في موقف الرابح أمام الجمهور على الأقل الصدري،مقابل وضع الإطار التنسيقي في موقف محرج ومأزق يتحمل تبعاته فيما بعد،فحكومة السيد الكاظمي القريبة والمستندة على تأييد الصدر لها،ما يعني بقاءه على نفوذه في الحكومة بأي حال من الأحوال،لذلك جاءت صلاة الجمعة الموحدة لتعبر عن موقفها الضمني في بقاء حكومة الكاظمي دون تغيير.
قراءة الصدر بالخروج من البرلمان أعطاه هامشاً كبيراً في التحرك،بعد تعرض الكثير من الانتقادات من القوى السياسية بسبب عجزه عن تشكيل الحكومة،بعد تشكيله لتحالف(إنقاذ وطن) وفشله في تشكيل الحكومة،والذي يعد جزء منها،لذلك لجأ إلى هذه المناورة والانسحاب من البرلمان ومن ثم القيام بمظاهرات وضعت البلاد في حالة شلل سياسي،وكشفت عن الانقسامات في داخل النسيج السياسي العراقي.
ظهور هذه التسريبات وفي هذا التوقيت بالذات وراءه الكثير من التساؤلات،وربما الهدف من ظهورها في هذا الظرف الحساس وحالة الانغلاق السياسي التي يمر بها البلاد تهدف إلى وقف العملية السياسية،وإيجاد الذرائع في منع تشكيل أي حكومة قادمة،الأمر الذي يجعلنا أمام قراءة تحليلية أن هذه التسريبات الصوتية "إن صحت" وعلى الرغم من نفيها من قبل حزب الدعوة والسيد المالكي إلا أنها عمقت الخلافات أكثر فأكثر.
على الرغم من ارتفاع أسعار النفط وزيادة كبيرة في عائدات النفط القادرة على انتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي،إلا أن البلاد لاتزال تعاني من نقص الخدمات وانهيار البنى التحتية المتدهورة اصلاً، بالإضافة إلى تفشي البطالة والفساد المستشري في دوائر ومؤسسات الدولة كافة،والتي أدت إلى احتجاجات تشرين(2019-2020) في البلاد،والتي كانت احد الأسباب المهمة لإجراء انتخابات تشرين 2021، والتي انتهت بمخرجات المأزق المالي.
بعد حالة الانسداد السياسي الذي وصلت إليه العملية السياسية أصبح من الصعب انتخاب شخصيات عليها الكثير من الملاحظات ووفق قاعدة"المجرب لايجرب" لتشكيل الحكومة القادمة،لذلك على قوى الإطار التنسيقي أن يسعى جاداً على تشكيل حكومة قوية تكون قادرة على حل المشاكل الاقتصادية في البلاد،لان لاحكومة يمكن لها أن تستمر من دون دعم الصدر لها .