السياسة لعبٌ على الاوتار الحساسة، تنقض الدول ببراثنها على المغانم الواقعة في حصونها ،باحثة عن مصالحها ،حتى وان كانت تلك المغانم ليست ملكاً لها، ومصالحها تودي بالضرر لجارتها المحاذية لها، رغم الود ورغم العلاقات التي توصف بالجيدة، إلاان ذلك لن يمنع من تصدر المصالح على حساب هذه الاعتبارات الحيوية و المهمة، لتضع على طاولتها اراشيف التصدر والبقاء للاقوى!!
فمن المعروف منذ القدم إن منابع العراق تقع خارج حدوده , وهذا يستدعي الكثير والكثير من القلق اذا ماقلت نسبة الامطار في مواسمها, فبالتالي نستعد لصيف جاف يبّخر ما ادُخر من مياه!!!
نتطرق لبعض التفاصيل المهمة وهي خريطة جغرافية لأسس المنابع الرئيسية :-
حيث إن مصادر العراق الاساسية للمياه هما :نهر دجلة الذي ينبع من ( جنوب شرق الاناضول ) تركيا ,ثم يعبر الحدود السورية التركية ,ماراً بالاراضي السورية ووصولاً الى ارض العراق, اما المصدر الثاني, وهو نهر الفرات الذي ينبع من جبال طوروس في تركيا ,ثم يجري النهر داخل الاراضي التركية بعد ان تجتمع فروعه المتعددة , سائراً بأتجاه الاراضي السورية , ليدخل بعدها الى العراق حيث الموقع هناك.
يمتلك كل نهر مجموعة من السدود .
السدود التي انشأت على نهر دجلة وروافده هي اثنا عشر سداً موزعة في محافظات (السليمانية,دهوك,ديالى,نينوى ,كركوك, صلاح الدين,واسط).
اما السدود على نهر الفرات هي سبع سدود موزعة في محافظات (الانبار, بابل ,الديوانية) قسم منها يملأ بمياه الامطار ,وقسم بالروافد التي ترفد النهرين بالمياه, وهنا تكمن المشكلة بين قطع مياه النهرين وبين انخفاض تساقط الامطار الى معدل لايصل ل30%!!
فمن جهة الجانب التركي اضافة لقطع نهري دجلة والفرات انشأ سداً من اكبر السدود في العالم , وهو سد إليسو من اصل 22 سد انشأت على النهرين من ضمن مشروع جنوب شرق الاناضول, حيث تم انشائه على نهر دجلة وبسعة تخزين تبلغ 11 مليار متر مكعب , وبلاضافة ايضاً الى قطع احد روافد نهر دجلة وهوالزاب الكبير, الذي ينبع من بحيرة وان في تركيا.
اما من الجانب الايراني ,فيأتي الضرر على العراق بتقليل جريان روافد نهر دجلة التي تنبع من جبال زاكروس في ايران ,وهي الزاب الصغير ونهر ديالى , وايضاً يتضمن قطع لمنسوب نهر الكارون الذي يصب في شط العرب , بسبب انشاء السدود عليها.
وهنا المياه في العراق هي خليطاً من صراع قومي على مايبدو, حيث تقع منابع النهرين بين براثن دولة عهدت السلطنة وليدة لها , ولازالت تحاول استعادة امجاد عصر السلطان والتوسع لاحتلال الدول, لضمها لصالح الهيمنة العثمانية. اذ تشكل نسبة مياه العراق من تركيا حوال 80%, تشكل نسبة مياه العراق من ايران بحوالي 20%.
اذ اكدت الامم المتحدة في تصريح جديد لها ان العراق سيجف تماماً في غضون ثمان سنوات!
وهذا ما نلاحظه الان من جفاف الاهوار, و الانهار المكونة من نهري دجلة والفرات وايضاً جفاف للروافد النابعة من الخارج!
مايثير الجدل هنا السياسات المتبعة للحديث بهذه القضية المهددة للحياة في العراق, هنا لايثيرون الجدل حول من بحوزتهم النسبة الاكبر من مياه العراق, بينما تجذب عيون الاخبار حول الاقل نسبة منها! لما تسلط الماكنات الاعلامية الضوء على ايران فقط؟؟
السياسة المحيطة بنا من دول الجوار , تلعب دورها الان في حرف المسار والحقائق وتزييفها رغم الوضوح الظاهر والبائن لهذه القضية.
حيث لاتوجد عدالة في تعاطي الاخبار وموضوعيتها, فنحن اليوم في ازمة مياه حادة , لاينفع معها المحاباة والصمت, لانها مسألة حياة, فقطع نهرين هما التغذية الاساسية والرئيسية للعراق بنسبة 100%,هو اشبه بحرب معلنة , رغم ان العراق لم يبدي مايثير العداوة لتلقي مثل هذه السياسة المتجهمة والمقيتة حقيقة!!
في الايام المنصرمة الماضية ورد تصريح سياسي عراقي, وهو الماء مقابل الاقتصاد , فمثلاً استيرادنا من تركيا التي تملك النهرين , بلغ حجم الاستيراد مايزيد عن 17 مليار دولار مطلع هذه السنة, اضافة الى حجم السياحة لهذه الدولة !
في هذه الحالة ألايجب ان تطبق سياسة الماء مقابل الاقتصاد؟ لتوضع الحلول , فنحن اليوم في حالة صمت رهيب اتجاه هذه القضية المهمة والخطيرة , حيث ان وزارة الموارد المائية التي من المفترض ان تكون سيد القرار تجاه هذه السياسة المستفزة, هي صامتة,وماتمت ملاحظتهُ أن الوزارة مسمترة بتفقد السدود والاراضِ فقط ! ولكن لم نسمع موضوع التفاوض ومناقشة دول المنبع عن حصص العراق من المياه !
على الحكومة العراقية والمتمثلة بوزارة الموارد المائية, أن تتخذ الاجرائات والحلول الناجعة لهذه الازمة
وما دمنا نسير ضمن سياسة محددة لاتختلق الحروب العبثية والازمات , اذاً فان الورقة بأيدينا للتفاوض وفق استحقاقاتنا المعلنة, ووفق مانمليه عليهم من فوائد مربحة من حيث التبادل التجاري والذي ازداد معه حجم الاقتصاد لديهم.