تعرفنا ببعض السطور على الباحثة والأديبة رجاء محمد بيطار في القراءة السابقة عن روايتها القيمة (سألتك عن الحسين ) , وبعد أن شوقتنا إلى أسلوبها الراقي نعود إلى قراءة عملها الثاني رواية يوميات طفلة من كربلاء .
الرواية تاريخية وفق مقتضيات الفن الروائي تحكي قصة السيدة فاطمة الصغرى المكناة من أبيها بالسيدة رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام .
الروائية تحوك حروفها كغزل سجادة من التحف النادرة , فتتعمق بالوصف بأسلوب السهل الممتنع في سلاسة التعبير والنثر الشعري , ثم ترسم صورة على شكل لوحة في ذهن القارئ تجعله يعيش أحداث القصة المتصاعدة .
التواضع في كتابتها ملفت للنظر كمن يكبر الذنب في عينه ليصغر عند الخالق , وهذا ما أجده في إهدائها بداية الرواية , فمن بين ثنايا سطورها :
حاولت أن أرسم ظلالا للحقيقة , لأن الحقيقة أعظم وأسمى من أن يتمكن قلم من رسمها , هي محاولة لرسم صورة مصغرة مبسطة لما جرى , إذ أن أنظارنا قاصرة عن إدراك تلك الحقائق الباهرة , والأسرار المكنونة .
تقمصت الكاتبة شخصية السيدة الطاهرة رقية مع قمة التواضع فقالت : وهيهات لي أن أفعل , شخصية تلك الطفلة العظيمة.
درست الباحثة مصادر تاريخية معتبرة مذ الولادة حتى الوفاة , فخرجت بخطاب روائي متسلسل في احداثه، مستخدمة تقنية الاسترجاع والتذكر في عرض الوقائع الدرامية أثناء رحلة الشخصيات .
كشفت الأديبة النقاب عن أسم والدة الطفلة العظيمة , وهذه المسألة كانت مبهمة لدى بعض الباحثين والمؤرخين .
وبينت الكاتبة ومضة من عدالة الإمام الحسين عليه السلام في توزيع عاطفته الأبوية على أبنائه , فهناك أطفال أخرين من صلبه , وهذا الموضوع له جانب إنساني وأخلاقي وتربوي .
وأخيراً بعد أن تساقط سيل الدموع على هذه الرواية الحزينة ونهاية الطفلة الاستثنائية المفجعة , ما لي غير رفع كفي بالدعاء لمن سطرت بأناملها الولائية الإيمانية هذه الملحمة الأدبية الفريدة من نوعها : أللهم سجل ما قدمت من عمل في ميزان حسناتها وأحشرها مع من والتهم واشملها وإيانا بشفاعة السيدة فاطمة الصغرى الطاهرة رقية عليها السلام .