الفئة التي حاربت الإمام الحسين عليه السلام من رأس الهرم حتى أصغر تابع لذلك الهرم يتغلب عليها إرضاء الرغبات واللذة عن طريق الموبقات مع اقناعها النفس بالأيمان الموهوم فتراهم يؤدون ظاهر ما هو مطلوب من المسلم والحاكم يقال عنه خليفة المسلمين وهو يحتسي الخمر ويزني ويقتل, كما هو حال المجتمع في الوقت المعاصر بعض الجهات الرسمية تتخذ الشعار الإسلامي والمذهبي كغطاء للوصول إلى مأربها, وآخر مجند شعاره علماني يريد كسب الناس مأربه جمع المال وهدفه يصل أحيانا إلى تطبيق استراتيجيات بلدان أخرى وعامة المجتمع بعضهم نتيجة الظروف الاقتصادية السيئة تأثر بقادته حتى بات سلوكه اليومي نسخة طبق الأصل من الساسة بمظهر مواطن عادي, وآخرون تجدهم نموذجا حيا من الفئة التي حاربت الإمام عليه السلام, ترى البعض ملتحيا يحمل مسبحة يصلي لسانه يلهج بالإيمان وينتقد الآخرين ويطالب بتغير الناس, لكن أثناء المعاملة معه يكشر عن أنيابه وتشاهد الوجه الآخر وإن عريته من الداخل تراه مغتصبا لحقوق ذويه وأقربائه ومجتمعه, وآخر تعرفه الناس حسينيا يخدم في مراسيم العزاء وله موكب ويستجدي باسم الحسين في حين قول الإمام واضح هيهات من الذلة!
إنّنا ندرك عدم وجود مجتمع مثالي في كل العصور والبشر بغير منأى عن الزلل والخطأ, إلا أن الحديث عن تغلب إيجابية النفس أكثر من السلبية بالمسائل الإنسانية على الأفل.
فكيف لي أن أكون منافقا أمام نفسي وأسرتي, أهكذا تعلمت من نهضة الحسين وثورته؟
بما أن الدين المعاملة, كيف أتجرأ على ظلم الغير بالاستهزاء به أو استغلاله أو سرقة حقوقه, ثم أطعم أسرتي من الأموال الحرام؟
الكثير من الكبائر نمارسها ونغض النظر عن مناقشة النفس فيها مع غياب التفكير بساعة الاحتضار والموت والقبر وما ينجم من أثار دنيوية قبل الآخرة على الأسرة.
وبهذا تتذبذب النفس بين ترجيح المعصية على الإيمان بالخروج عن خط الاستقامة ثم الابتعاد عن الإنسانية و والتحوّل إلى حيوانية وتستشري العدوى بينهما.
وعلى غرار موبقات وكبائر ما سارت عليه الفئة المحاربة سار المجتمع المعاصر لنفهم أن ثورة أبي عبد الله الحسين ونهضته لم تأت اعتباطا من أجل السلطة وكرسي الخلافة فحسب, فهذه المسالة مقود وسبب لنقل عدوى الحياة الحيوانية في حينها, والمفروض أن الخليفة يكون متمثلا لرسول الله (ص) وصورة إسلامية لكل ما جاء به الإسلام من هدف إنساني سام.
إذن بدون ذكر الحيثيات ولتجنب الإطالة في الخطوط العريضة والاكتفاء بالإشارة لبعضها نلخص أهداف ثورة الحسين عليه السلام: التصدي لعودة الناس إلى مفاهيم الشرع الإسلامي الأصيلة وحماية المجتمع من ظلم الخليفة وظلمهم لأنفسهم حتى لو أودى هذا العمل بحياة الحسين وعائلته وأصحابه الإسلاميين المثاليين الحقيقيين في حينها, فماهي الفكرة التي أراد إيصالها لنا صاحب النهضة الممثل الحقيقي عن رسول الله (ص)؟
ذوو الألباب يبحثون عن الاقتداء بشخصية سوية تعصم نفسها من الخطأ لتطمئن القلوب لاتباعها وصولا لرضا الله تعالى.
ولو اطّلعنا على سيرة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام نجد الفكرة ذاتها, ثم من بعده الإمام الحسن المجتبى, وجاء الإمام الحسين بالفكرة نفسها بأسلوب عصره, فتبعه أئمة أهل البيت عليهم السلام الفكرة نفسها حسب مقتضى العصر .
إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذلك المنفذ لمسيرتهم جميعا صلوات الله سلامه عليهم أجمعين, ففي عدم تطبيقه تقل الأرزاق وتكثر الابتلاءات المبرمة من السماء وتسود الألوان الحياة وتصبح غابة تغيب فيها الحقوق فالقوي يأكل الضعيف.