فاطمة سيدة نساء العالمين
ولو لاحظنا أن حكمة خلق فاطمة(ع) هي حكمة إلهية والحكمة الإلهية لا تفعل من الأمور العبثية(حاش لله)فما يفعله الله سبحانه وتعالى هو الكمال الإلهي والكمالات الإلهية وكذلك الحكمة لا يسأل عنها فمثلاً تم فرض الصلوات بهذه الصيغة المتعارف عليها، لتكون صلاة الصبح ركعتان والظهر أربع الى باقي الصلوات والتي لم تكتب في القرآن اعداد الركعات والصلوات بهذه الصيغة الحالية ولكن تم سنها من قبل الرسول الأعظم محمد(ص) ونفس الشيء ينطبق على العبادات والى باقي الفروض الإسلامية فكل تشريع إلهي تم سنه من قبل النبي محمد(ص) ومن هنا كان خلق فاطمة فكان خلقها خلق إلهي وحكمة يعجز عقلنا القاصر عن أدراكها ولهذا أوضح رب العزة والجلال هذا الأمر في محكم كتابه فيقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}(1).
ولهذا كان خلق فاطمة من أجل جعل هذه المرأة الكاملة في الكمالات الإلهية لتكون سيدة نساء العالمين وكان خلقها قبل أن تخلق الأرض والأفلاك والكون كله، ليأتي حديث النبي محمد(ص): خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد(2).
وقال أيضاً: حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم(3).
ولهذا جاء خلق فاطمة من خلال هذا الحديث القدسي الذي يتحدث عن خلقها فيقول :
روى محمد بن جرير الطبري «الأمامي» عن ابن عباس قال: جاء رجل من أشراف العرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بأي شيء فضلتم علينا وأنت ونحن من ماء واحد.
فقال: { يا أخا العرب، إن الماء لما أحب الله جل ذكره عند خلقنا تكلم بكلمة صار نوراً، وتكلم بأخرى صار روحاً فخلقني وخلق علياً وخلق فاطمة وخلق الحسن وخلق الحسين.
فخلق من نوري العرش، وأنا أجل من العرش؛ وخلق من نور علي السموات، فعلي أجل من السموات؛ وخلق من نور الحسن القمر، فالحسن أجل من القمر؛ وخلق من نور الحسين الشمس، فالحسين خير من الشمس، ثم ان الله تعالى ابتلى الأرض بالظلمات فلم تستطع الملائكة ذلك فشكت إلى الله عز وجل، فقال عز وجل لجبرائيل عليه السلام: خذ من نور فاطمة وضعه في قنديل وعلقه في قرط العرش. ففعل جبرائيل عليه السلام ذلك، فأزهرت السموات السبع والأرضين السبع فسبحت الملائكة وقدست.
فقال الله: وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في أعلا مكاني، لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم لفاطمة وبعلها وبنيها ومحبيها إلى يوم القيامة }(4).
روى الشيخ عبد الله البحراني بإسناده عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: { ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين }(5).
ولهذا جاء حب الزهراء(ع)والتأكيد عيها من قبل النبي الأكرم محمد(ص) وائمتنا المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين)، حيث روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا سلمان، من أحبَّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حبُّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن: الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصراط، والمحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، رضيت عنه، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين علياً، وويل لمن يظلم ذرِّيتها وشيعتها"(6).
ومن أحد معاني سيدة نساء العالمين هو المرأة الكاملة الواقعية: أي بمعنى ان المرأة التي تتمثل فيها أفضل الصفات الأخلاقية والنفسية والجسمانية وعندما نصفها بمصطلح الواقعية نعني به ان ما وصلتك المرأة الكاملة هو امر متحقق فعلا في عالم الواقع وليس نظريا وهذا ما رواه الشيخ الصدوق بسنده عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أخبرني عن قول رسول الله (ص) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: «ذاك لمريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين»(7).
وهناك أحاديث معتبرة أخرى تؤكد أنها قال لها في نفس مرضه عبارات تفيد أنها سيدة نساء الأمة وسيدة نساء العالمين، عائشة و غيرها عن النّبي ( صلى الله عليه و آله ) ، أنّه قال : "يا فاطمة أبْشري فإنّ الله اصطفاكِ على نساء العالمين و على نساءِ الإسلام و هو خيرُ دينٍ "(8).
عن عائشة أن النّبي ( صلى الله عليه و آله ) قال و هو في مرضه الّذي توفّي فيه : " يا فاطمة ألا ترضينَ أن تكوني سيّدةَ نساء العالمين ، وسيّدةَ نساء هذه الاُمّة ، و سيّدة نساء المؤمنين " (9). قال الحاكم: هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا.
والملاحظ في الحديث المروي في المستدرك أن كلام النبي (ص) بسيادتها صدر في حال وفاته، وهذا يعني أننا لو قبلنا جدلا ببعض الأحاديث التي كانت تفضل غير الزهراء (ع) على بقية النساء فإن هذا الحديث يلغي تلك الأحاديث ويثبت أن الزهراء (ع) قد طوت في مدارج الكمال من الفضل ما تفوقت فيه على غيرها من النساء. وهذا يثبت القاعدة الفقهية التي فيها الناسخ والمنسوخ والتي أكدت عليها جميع الفرق الإسلامية وحتى ما ذكر في القرآن الكريم ولهذا فهو يثبت أن الزهراء(روحي لها الفداء)هي سيدة نساء العالمين من خلال ما قاله نبينا نبي الرحمة وهو على فراش الموت في أنها سيدة نساء العالمين والذي اقتطعت عبارة(سيدة نساء العالمين)ومن قبل من لهم أهواء اموية وعباسية وحتى ناصبية وإرضاء للحكام وسلاطين في تلكم العصور والتي نجدها موجودة في بعض وفي زوايا خفية وليتم حذفها في طبعات أخرى لاحقة وحتى في وقتنا الحاضر والهدف هو البغض لآل بيت النبوة الأطهار فبنو أمية والنواصب موجودين في كل وقت وزمان..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [المائدة : 101].
2 ـ مسند أحمد ج2 ص293، والاستيعاب في ترجمة خديجة. كتاب فاطمة من المهد إلى اللحد. خطيب الشهير السيد محمد كاظم القزويني. دار النشر: مؤسسة النور للمطبوعات، بيروت – لبنان. سنة النشر: 1141 هـ - 1991 م الطبعة الأولى. فصل مكانة الزهراء عند الرسول (صلى الله عليه وآله).
3 ـ الاستيعاب، والإصابة في ترجمة الزهراء.
4 ـ «نور المعجزات للطبري: ص 83، ط مؤسسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ــ قم». البحار للمجلسي: ج 37، ص 84، ط مؤسسة الوفاء».
5 ـ [جواهر العقدين، العقد الثاني، الذكر الثاني: ص/ 216]، [عوالم العلوم: ص/46 رقم 5]
6 ـ [كشف الغمة: 1/ 467].
7 ـ (معاني الأخبار ص107 ح1).
8 ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي .
9 ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري وكنز العمال للمتقي الهندي الحنفي . واعترف الذهبي في التلخيص بصحته.(30).