لقب أمير المؤمنين
هذا اللقب هو من مختصات الإمام علي بن أبي طالب(ع)ويعني هو قائد المسلمين(1)وهو اعتقاد الشيعة على العموم وقد لقبه به رسول الله(ص) ولا يجوز لأحد أن يتسمى به حتى الأئمة المعصومين (عليهم السلام)(2).
وهذا اللقب أطلق على الأمام علي(ع)في يوم غدير خم عندما نصبه الرسول(ص)خليفة ومولى للمؤمنين في بيعة الغدير وهذا ما ذكره الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد، ، فأمر رسول الله (ص) بعض الصحابة ومن ضمنهم: أبو بكر، وعمر، وطلحة، والزبير، أن يسلموا عليه (ع) بلقب أمير المؤمنين، ومن ثم توافد الناس عليه مجاميع ــ وهو مستقر في خيمته ــ فيسلمون عليه كما أمرهم رسول الله (ص)(3).
وهناك روايتان عن رسول الله (ص) أنه خاطب بها الإمام علي (ع) بلقب أمير المؤمنين الأولى كانت بحضور زوجته أم حبيبة، والثانية بحضور زوجته الأخرى أم سلمة(4).
ورد في كتاب إقبال الأعمال، توصية الشيعة أن يقولوا في يوم الغدير لمن لاقوه من إخوانهم المؤمنين، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ، وهذا تأكيد منهم على أنَّ هذا اللقب من مختصاته (ع)(5)، ورد عن الإمام الصادق (ع) انه قال: سمي أمير المؤمنين، إنما هو من ميرة العلم، وذلك أنَّ العلماء من علمه امتاروا ومن ميرته استعملوا(6).
وقد ذهب الشيعة إلى أنَّ أول من أُطلق عليه لقب أمير المؤمنين هو الإمام علي (ع) من قِبل رسول الله (ص)، وعندما مُنعت عنه (ع) الخلافة، توسع هذا المصطلح ليُطلق على عمر وعثمان في زمن خلافتهم(7).
وكذلك أستند الشيعة على إثبات أن هذا اللقب مختص بالإمام علي (ع) بقول عمر بن الخطاب يوم غدير خم: بَخ بَخ يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة(8)، حيث صرح بعض المحققين، أنَّ كلمة كل مؤمن بقول عمر، يدل على قبول اختصاص أمير المؤمنين بهذا اللقب(9).
ذكر السيد ابن طاووس من محدثي الشيعة في القرن السابع الهجري، في كتابه اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين، 220 حديثا من منابع أهل السنة، أنَّ لقب أمير المؤمنين من مختصات الإمام علي (ع)(10)، وبناء عليه، ذهب ابن طاووس أنَّ رسول الله (ص) هو الذي أطلق على علي بن أبي طالب (ع) لقب أمير المؤمنين، وهو من مختصاته (ع)(11).
والروايات الشريفة الكثيرة، التي تعد بالمئات تؤكد على أن لقب أمير المؤمنين منحة من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله لعلي صلوات الله وسلامه عليه، وفي أسفل المقال تجد المصادر التي لاتعد ولاتحصى عن لقب المختص لأمير المؤمنين الإمام (ع)(12).
ولقب أمير المؤمنين عليه السلام خاص بعلي، لا يحق لأحد حتى للأئمة من ولده أن يتسمى به.
ويدل على ذلك ما يلي:
١ ـ سئل الإمام الصادق عليه السلام عن القائم: يسلَّم عليه بإمرة المؤمنين؟!قال: لا، ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله. ولا يتسمى به بعده إلا كافر. قلت: جعلت فداك كيف يسلم عليه؟!قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ: {بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(13).
٢ ـ عن علي عليه السلام: { أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن أدعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته، ولم يطلق ذاك لأحد غيري }(14).
٣ ـ روي: أنه دخل رجل على أبي عبد الله عليه السلام، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين! فقام على قدميه، فقال: مه، هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين عليه السلام، سماه الله به. ولم يسمَّ به أحد غيره، فرضي به، إلا كان منكوحاً، وإن لم يكن ابتلي به. وهو قول الله في كتابه: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَ شَيْطَاناً مَرِيداً} قال: قلت: فماذا يدعى به قائمكم؟!قال: السلام عليك يا بقية الله، السلام عليك يا بن رسول الله(15).
٥ ـ وفي حديث المعراج أيضاً: فقال لي: يا محمد! قلت: لبيك ربي وسعديك .. إلى أن قال: قال تعالى: قد اخترت لك علياً، فاتخذه لنفسك خليفة ووصياً. ونحلته علمي وحكمي. وهو أمير المؤمنين، لم يكن هذا الاسم لأحد قبله، وليس لأحد بعده (16).
٦ـ قال رجل للصادق عليه السلام: يا أمير المؤمنين. فقال عليه السلام: مه، إنه لا يرضى بهذه التسمية أحد، إلا ابتلاه الله ببلاء أبي جهل (17).
ولذا حينما خطب علي (عليه السلام) يوم الشورى فعدد خصالاً له لم يشركه فيها غيره محتجاً عليهم بفضله، فمن جملة ما عدّده قوله لهم: (نشدتكم الله أفيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت أمير المؤمنين وسيد المرسلين وقائد المحجلين غيري؟) قالوا: اللهم لا(18).
عن القاسم بن جندب عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا أنس أسكب لي وضوء)، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: (يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين)(19).
ومن هنا نستنتج أن لقب أمير لم يطلق على أحد من الأولين والآخرين وهو لقب منزل من الله سبحانه وتعالى وبأمر منه وهو يتطابق مع خطبة الغدير والتي نصب في الأمام علي(ع)مولى كل مؤمن ومؤمنة ومن يخالف هذا الأمر فهو كافر ولا يمتثل لأمر الله جل وعلا ورسوله الأعظم محمد(ص). وكل من يقول خلاف ذلك فهو ناصبي وله أهواء أموية وعباسية ويخالف الأوامر الإلهية التي شدد عليها في سورة المائدة وفي معراج النبي(ص)، وهي حقيقة واضحة كوضوح الشمس والتي لا يمكن إخفاءها بغربال التحريف والتزوير مهما حاولوا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.